حجة الوداع ووفاة النبي محمد ﷺ
فرض الله تعالى الحج في العام التاسع للهجرة بعد فتح مكة المكرمة ، وحج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العام العاشر ، فما أبرز أحداث تلك الحجة ، ومتى كانت وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟
حجة الوداع
أعلن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العام العاشر من الهجرة أنه يريد الحج ، فسارع المسلمون لتلبية أمره صلى الله عليه وسلم ، وقدم المدينة المنورة مسلمون كثيرون يريدون الحج معه صلى الله عليه وسلم ؛ حتى بلغ عددهم أكثر من مئة ألف ، فشاء الله أن يري نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثمار دعوته التي استمرت (۲۳ عاماً) ، عانى في سبيلها ألوان من المتاعب ، حاملاً على عاتقه عبء دعوة البشرية جمعاء ، حتى أقام الدولة الإسلامية على قواعد قوية ، تسودها الألفة والمحبة والإخاء والتناصح
مضى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتلك الجموع يعلمهم مناسك الحج ، وهو يقول : « لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد جتي هذه » (رواه مسلم) . وفي يوم عرفة ( التاسع من شهر ذي الحجة ) ألقى خطبته البليغة على جموع المسلمين ، وبين فيها أحكام الإسلام ومبادئه، ونزل عليه قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت علیکم نعمتی ورضيت لكم الإسلام دنیاً ) ( المائدة : 3 ) ، وكان ذلك بياناً بتمام رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإكمال الله دينه.
عاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، وأمر بتجهيز جيش كبير لنشر الإسلام في بلاد الشام ، وجعل قيادته لأسامة بن زيد صلة الله عليه وسلم الذي كان شاباً لم يتجاوز عمره عشرين عاماً ، ولكن لم يقدر له صلى الله عليه وسلم أن يرى تحرك هذا الجيش من المدينة المنورة، ووافاه الأجل وانتقل إلى الرفيق الأعلى.
وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( 11 هـ )
النبي محمد صلى الله عليه وسلم كسائر البشر ، له أجل مسمى يموت فيه ، وقد ألم المرض بالرسول صلى الله عليه وسلم فاشتكي بعد عودته من حجة الوداع بنحو ثلاثة أشهر ، وبدأت شكواه في بيت أم المؤمنين زوجته ميمونة رضي الله عنه ، وقد طلب من زوجاته أن يمرض في بيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وأخذ المرض يشتد عليه يوما بعد يوم ، ولما عجز عن إمامة الناس في الصلاة أمر أبا بكر الصديق رضي الله عنه بأن يصلي بالناس ، واستغرق مرضه عشرة أيام ، وفي ضحى يوم الاثنين (۱۲) من شهر ربيع الأول من السنة (۱۱ هـ) انتقل إلى الرفيق الأعلى ، وكان آخر ما نطق به الوصية بالصلاة ، بعد أن أكمل الله عز وجل به الدين ، وأتم به النعمة على المؤمنين ، وبذلك فقد المسلمون سيد ولد آدم ، وأعظم الدعاة ، وأعظم المربين ، الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، ونشر التوحيد ، وأزال مظاهر الشرك والوثنية ، وترك فيهم أمرين ، إذا اتبعوهما لن يضلوا بعده أبداً : كتاب الله وسنة رسوله . "
حزن الصحابة رضي الله عنهم حزناً شديداً ، وحينما انتشر خبر وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم اضطرب الناس ، وكانوا بين مصدق ومكذب ، فخرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه وخطب فيهم مذكرة إياهم : « أيها الناس : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت » ، ثم تلا قوله تعالى : « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين ) ( آل عمران ). فكان رضي الله عنه سبباً في هدوء الناس الذين حزنوا حزناً شديداً على فقدهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد ذلك غسل النبي صلى الله عليه وسلم وكفن ، وصلى عليه المسلمون جماعة تلو الأخرى ، ولما اكتملت صلاتهم دفن في المكان الذي توفي فيه في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها