أولا: أثر الإسلام في العرب
يعرف مؤرخو الأدب أدب صدر الإسلام بأنه أدب الحقبة الزمنية الممتدة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى آخر أيام الخلفاء الراشدين سنة .4 ها و سمیت بصدر الإسلام ؛ ذلك لأن صدر الشیء أوله.
وفي هذه الفترة أحدث الإسلام تغيير ا عظيما في مسيرة البشرية جمعاء ، وفي حياة العرب على وجه الخصوص. وقد تقدم معك في العصر الجاهلي
ما كان عليه كثير من العرب من الشرك والابتعاد عن الدين إلى أن أصطفى الله سبحانه وتعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة ، وبعثه هاديا ومبشرا بدين الإسلام الذي ارتضاه الله سبحانه لخلقه ، وختم تبارك وتعالى الأديان به .
وتقدم في دراستك للسيرة والتاريخ كيف قاوم العرب الإسلام في بدء أمره، وكيف أذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصحبه وحاربوهم ، لكن ذلك لم يدم طويلاً ، إذ أبد الله نبيه ونصره وأظهر دينه على الدين كله ، ورقت له الأفئدة، وتألفت به قلوب قوم كانوا قبل ذلك في ضلال وجهل وغلظة، فتغير الحال وشرف الله العرب بحمل رسالة الإسلام ومشاعل الهداية إلى الناس أجمعين.
وفي هذا الموضوع سنعرض بإجمال محورين: الأول منهما بعرض لأثر الإسلام في بعض جوانب الحياة العربية ، ويعرض الثاني للعرب والقرآن الكريم :
الجانب السياسي :
غير الإسلام حياة العرب وجعلهم خير أمة أخرجت للناس وحملهم رسالة الله إلى عباده ووحدهم تحت لواء واحد؛ فإذا الأعداء المتناحرون يتحولون إلى دولة قوية موحدة ترفرف عليها رايات الإسلام، وتدين لها جزيرة العرب، ويمتد نفوذها إلى مناطق بعيدة.
العرب والقران الكريم :
أيد الله رسله بمعجزات عظيمة ، وكانت معجزة كل رسول مما يحسه قومه ، ولما كان العرب يحسنون البيان ويتباهون به فقد جاءت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ، وهو كلام الله الذي تحدى به الإنس والجن ، و هو حجة الله على الناس كافة ، وفيه تبيان لكل شيء من الحكمة والمعرفة ، ما فرط الله فيه من شيء ، ولا تزال الأيام تكشف المزيد من معجزاته وعجائبه.
ولما سمع العرب القرآن الكريم وما فيه من هداية ورشاد وحكمة وبديع نظم وحسن تأليف ودقة عرض ؛ أسلم بعضها من ذوي الإرادة والعقل ممن رقت قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق، ووقف المكابرون المعاندون في وجه الدين الجدي یکفرون به ، ويحاربونه ، بل وصل بهم الأمر إلى الحصار و تعذيب المؤمنين ، ورغم ذلك فقد بهرهم القرآن الكريم بنظم وبلاغته وقوة تأثيره فكانوا من شدة إعجابهم به يتسللون متخفين في جنح الظلام لسماعه والإنصات للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتلوه ، وقد عجزوا أن يردوه إلى نوع من أنواع الكلام المعروفة ، فقالوا مضطربين : إنه شعر شاعر أو فعل ساحر أو سج کاهن ... ووصفهم إياه بأنه نوع من هذه الأنواع التي تشترك في فتنة العقل دليل على تأثيره القوي في نفوسهم.
فلما أسلم العرب جمعوا مع الإعجاب بالقرآن الكريم والانبهار به الإيمان والتقديس وحسن التطبيق، وكان القر الهم فيضا ربانا يحفظونه ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار فيزيدهم علما وإيماناً وخشوعاً ، و قد جعلوه منهج حيا و دستورا لا يتجاوز أحدهم آیاته حتى يطبقها ويعمل بها.