بيئات الشعر الأموي
بيئة الشام وشعر المديح :
أصبح القصر الأموي في الشام هدفا للشعراء الذين يريدون أن يتخذوا المدح وسيلة للتكسب، وموردا من موارد الرزق وفرصة للشهرة والظهور، والمجد الأدبي الذي تضفيه الصلة بالقصر على من يتصل به من الشعراء الطامحين.
ومن هنا كان ظهور المدح وازدهاره ظاهرة طبيعية في ظل عز الدولة سياسيا واقتصاديا وفكريا ، وفي ظل ما عرفت من عناية الخلفاء بالشعر، واحتفائهم به ، يتذوقونه ، ويقدرونه ، ويطربون له، وقد لمع من بين الشعراء الفحول ثلاثة هم: جرير والفرزدق والأخطل
لم يوفق جرير في البيت الأول الذي يمثل مطلع القصيدة، وأثار ذلك حفيظة عبد الملك بن مروان فقال : ( بل فؤادك ) لماذا لم يوفق ؟
لأنه لما طرق مسمعي عبد الملك هذا الاستهلال أنكره بحسه العربي المرهف ورمی الشاعر بداوة كانت في يده و لكن جریرا تظاهر باللامبالاة و تابع قوله لأنه يعرف الأمر و نتائجه و الظرف الذي هو فيه وهذا لا يليق بمقام خليفة الأكبر دولة في العالم آنذاك فضلا عن أن المطلع الغزلي هو رمز يتم عما يعتلج في صدر الشاعر فالخالف يبدي في غزله خوفه و ذو الهم يشير في مقدمته إلى من سبب له الهم
بيئة العراق والشعر السياسي :
كان في العراق عدد من الجماعات والفرق، فكان طبيعيا أن يظهر فيها الشعر السياسي، فقد كان لكل فريق شعراؤه الذين ينتصرون له، ويعبرون عن مبادئه وأفكاره ، ومن هؤلاء : الكميت شاعر العلويين وعبد الله بن قیس الرقيات شاعر الزبيريين ، وقطري بن الفجاءة شاعر الخوارج.
وقد استخدم الشعراء في شعرهم السياسي عددا من الأغراض الشعرية مثل : المديح للقادة والأمراء ورثائهم، والهجاء للخصوم، والجدال.
الغزل في العصر الأموي :
كان الغزل في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام جزءا من القصيدة، ويمتزج مع الأغراض الشعرية الأخرى، أما في العصر الأموي فقد أصبح مستقلا من بداية القصيدة إلى نهايتها، وله شعراؤه الذين أبدعوا القول فيه، وفي موضوعاته، فبرز نوعان من الغزل، هما :
الغزل العذري : وهو غزل عفیف طاهر، لا يهتم بجمال المرأة بقدر ما يهتم بشفافية روحها وعفافها ، وانتشر في البوادي خاصة بادية الحجاز ، ومن شعرائه : جميل بثينة، وقيس بن الملوح ، وكثير عزة
الغزل الصريح: وهو الذي يهتم بمحاسن المرأة وجمالها ، وهو غزل قصصي ، وشاع في الحاضرة ، واقترن بالترف، ومن شعرائه: عمر بن أبي ربيعة، والأحوص، والعرجي.