نماذج من الشعر العباسي
ظهر في الشعر العباسي تیاران : أحدهما حافظ على طريقة الشعراء في نظم القصيد بلغة وصور مستمدة من النموذج الجاهلي في الشعر، وآخر يهتم بالتجديد في أغراض الأدب ومضامينه وأسلوبه.
صنف هذه القصيدة ضمن أي تيار مع التعليل. يقوم شعر بشار على الموازنة الدقيقة بين العناصر التقليدية و العناصر التجديدية و لذا يعدو زعيم المجددين و قصيدته هذه مثال واضح على ذلك فهو يفتتحها بالنسيب و وصف سرى الليل في الفيافي ثم يصف حمار الوحش ثم يمدح و يفخر بالقيسية و يحسن بلائها في الحرب وهو كل ذلك ينوع منزع القدماء حين كانوا يمدحون سادة عشائرهم ورغم هذا الاحتذاء للقديم فقد أدخل الشاعر في نسيج قصيدته خيوطا جديدة
البحتري في وصف إيوان كسرى والتحسر عليه :
الشاعر :
هو الوليد بن عبيد البحتري من قبيلة طئ، ولد في منبج قرب حلب ويعد من شعراء الشام ، ولأبي تمام فضل عليه في ذكر موهبته والتعريف به عند الأمراء، وهو شاعر مكثر يحسن المديح ويجيد التكسب، لكن الوصف قد غلب على شعره.
مناسبة القصيدة :
خرج البحتري للخلفاء في بغداد أول مرة ولم يلق حظوة، فذهب للمدائن شرقي بغداد وفيها قصر لكسرى فأخذ يبث شكواه بهجرانه الشام، وخيبته في العراق ، ويتحسر على ملوك آل ساسان مشيدا بحضارتهم، وشاكرا جدتهم لأجداده اليمنيين عندما غزاهم الأحباش .
الشاعر أبو العلاء المعري :
هو الحكيم الفيلسوف الشاعر الناقد أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي ولد في معرة النعمان بين حمص وحلب ( 343- 444 هـ ) ونسب إليها. أصيب بداء الجدري وفقد به بصره ، كان من أحكم الشعراء، وله باع في الغريب والأخيلة الدقيقة ، والحديث عن الطباع ووسائل الاجتماع وعادات الناس وسلوكهم وأخلاقهم، له كتب عديدة منها دیوانان شعریان شهیران هما : سقط الزند ولزوم ما لا يلزم ، أما كتبه فمنها : ( رسالة الغفران ، رسالة الملائكة ، ومعجز أحمد في شرح شعر المتنبي ، وعبث الوليد ، والفصول والغايات ) عرف بفلسفته ، وقد اعتزل الناس في آخر حياته ، واحتبس في بيته وسمى نفسه رهين المحبسين.
مقتطفات من شعر المتنبي
الشاعر :
هو أبو الطيب أحمد بن الحسين، الملقب بالمتنبي، ولد بالكوفة سنة ۳۰۳ه ونشأ فيها وتعلم القراءة والكتابة، ثم خرج إلى البادية مخالطا فصحاء البدو، وآخذا عنهم اللغة، ثم لازم الوراقين، وقرأ كثيرا من الكتب . كما رحل إلى الشام وهو في نحو السادسة عشرة من عمره، وأخذ في نظم الشعر حتى عظم شأنه بين القبائل، وشاع ذكره.
ويقال أنه ادعى النبوة وسجنه أمير حمص بسبب ذلك، ثم استتابه وأطلقه، واتصل بأمير حلب سيف الدولة الحمداني وحضر معه وقائعه ووصفها أحسن الوصف، وبقي أثيرا عند سيف الدولة حتی حسده بعض حاشيته فافترق الرجلان علی کره سنة 346ه. وقد رحل لمصر وطمع أن يوليه کافور الإخشيدي ولاية في مصر لكن ذلك لم یکن فهجاه وأقذع في هجائه، ومال إلى الحجاز، ثم الكوفة وبغداد وقصد بعض الولاة زائرا ومادحاً ، ومن أولئك عضد الدولة بن بویه في شيراز ، وقد اعترضه في طريق عودته فاتك الأسدي فقتله ، وقتل معه ابنه وغلامه، وانتهبوا ما كان معه من الأموال، وكان ذلك سنة 354هـ.
وقد أبدى في شعره همة عالية ونفسا طموحاً ، ولم يكن يرى ممدوحه إلا صاحبا، ولم يقل شعره في حضرة الأمراء إلا جالا ، ويعد شعره من أفضل ما قيل من الشعر العربي على مر العصور.